القاهرة، مصر (CNN)-- تحاول الحكومة المصرية تيسير إجراءات توفير التمويل للسلع الاستراتيجية ومستلزمات الإنتاج من خلال عقد اجتماعات دورية مع المصنعين للوقوف على احتياجاتهم من العملة الصعبة اللازمة لتوفير مدخلات الإنتاج، يأتي ذلك في ظل شكوى عدد من المستثمرين من صعوبة استيراد مستلزمات الإنتاج من الخارج بسبب تطبيق نظام الاعتمادات المستندية بالبنوك.
وأصدر البنك المركزي المصري خلال شهر فبراير/ شباط الماضي، قرارًا بوقف التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية، والعمل بالاعتمادات المستندية فقط، مع استثناء فروع الشركات الأجنبية والشركات التابعة لها، والسماح للبنوك بقبول مستندات التحصيل الواردة عن بضائع تم شحنها قبل صدور القرار.
وقال محمد المهندس رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية، إن المستثمرين بقطاع الصناعات الهندسية يواجهون صعوبة في فتح اعتمادات مستندية بالبنوك المصرية لاستيراد مستلزمات إنتاج لتشغيل المصانع المحلية،
وأضاف أن القطاع الصناعي يعد أهم القطاعات الإنتاجية التي تعول عليها الدولة لمواجهة تبعات التضخم العالمي والحرب الروسية الأوكرانية لتغطية الطلب المحلي وزيادة التصدير لتوفير عملة أجنبية وفي الوقت نفسه تشغيل العمالة وزيادة حجم الناتج المحلي، ولذا فإن تيسير فتح الاعتمادات لاستيراد مستلزمات الإنتاج أمرًا ضروريًا لتنشيط قطاع الصناعات الهندسية.
ويعد قطاع الصناعات الهندسية، إحدى أهم القطاعات التصديرية في مصر، وحقق خلال الربع الأول من العام الجاري حجم صادرات بلغ 983 مليون دولار بنسبة نمو 32%.
وأكد المهندس، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، على أهمية أن تعلن الدولة عن سياستها لدعم القطاع الصناعي والحوافز المقدمة لتشغيل المصانع، خاصة فيما يتعلق بتوفير مستلزمات الإنتاج للتشغيل، مؤكدًا التزام المستثمرين بالقطاع الصناعي بالعمل وزيادة الإنتاج وفقًا لهذه السياسة وطرح رؤى تتوافق مع توجهات الدولة لتحقيق المستهدف بتجاوز تبعات التحديات العالمية.
ووجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الحكومة منذ أسبوعين، بإطلاق مبادرة لدعم وتوطين الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي وتقليل الواردات، وذلك من خلال تعزيز دور القطاع الخاص الوطني في توطين العديد من الصناعات الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في مصر، مع تقديم عدد من الحوافز للمصنعين.
وحول وجود نقص في حجم المعروض من الدولار بالسوق المصري، قال محمد المهندس إنه ليست هناك بيانات واضحة حول ندرة الدولار بالسوق من عدمه، مضيفًا أن المستثمرين بالقطاع الصناعي التزموا بقرار الاعتمادات المستندية وتغطية حجم الاستيراد من النقد الأجنبي، إلا أنه لم يتم فتح اعتمادات لاستيراد مستلزمات الإنتاج، مطالبًا الدولة بالإعلان عن سياستها حول القطاعات ذات أولوية للاقتصاد حتى يحدد المستثمرون خطتهم الإنتاجية بناءً عليها.
وارتفع صافي احتياطي النقد الأجنبي لمصر إلى نحو 37.123 مليار دولار بنهاية أبريل/ نيسان 2022، مقابل 37.082 مليار دولار بنهاية مارس/ آذار 2022، بزيادة قدرها قدره 41 مليون دولار، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
وأكد رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، أن توفير مستلزمات الإنتاج يعد أهم التحديات التي تواجه المصنعين في الوقت الحالي، مما يتطلب تدخل الحكومة بصورة عاجلة لحل هذا التحدي لبدء الإنتاج في أقرب وقت ممكن.
وقال الدكتور محمد خميس شعبان رئيس جمعية مستثمري السادس من أكتوبر وعضو مجلس إدارة اتحاد المستثمرين، إن استمرار نظام الاعتمادات المستندية بدون لائحة تنفيذية لتقليل الآثار السلبية التي نتجت عن تطبيقه سيؤدي إلى إغلاق العديد من المصانع.
وأضاف أن الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين والذي يضم أكثر من 40 جمعية ممثلة عن المستثمرين في مصر، سيعقد اجتماعًا لوضع حلول ومقترحات ورفعها للحكومة حول الاقتصاد المصري بصفة عامة ونظام الاستيراد على وجه الأخص.
وكشف خميس، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، عن المقترحات المبدئية التي سيتقدم بها اتحاد المستثمرين للحكومة وأبرزها ضرورة أن تكون هناك أولوية للشركات المصدرة لاستيراد مستلزمات الإنتاج؛ لتشغيل المصانع وتصدير منتجاتها النهائية للأسواق لزيادة الحصيلة الدولارية في السوق المحلي، خاصة وأن هذه الشركات لا تعاني من نقص في الموارد الدولارية لأنها تصدر حصة كبيرة من منتجاتها للخارج، وترشيد استيراد السلع الترفيهية مثل الشيكولاتة وأكل القطط والكلاب بفرض نظام معامل تدبير عملة على استيراد هذه المنتجات، وهو نظام يتضمن فرض زيادة على سعر الدولار المخصص لاستيراد هذه السلع للحد من استيرادها، وفي الوقت نفسه استغلال الزيادة المفروض على الدولار في دعم الصناعات الصغيرة.
وأشار رئيس جمعية مستثمري السادس من أكتوبر إلى أن اتحاد المستثمرين سيتقدم بمقترحات للحكومة تتضمن إلغاء رسوم الأرضيات بعد تكدس البضائع بالموانئ لعدم توافر النقد الأجنبي للإفراج عنها مما أدى إلى تراكم المستحقات على الشركات، وخفض رسوم شحن البضائع لزيادة تنافسية الصناعة الوطنية من خلال التعاقد مع شركات ملاحية كبرى للحصول على عروض أسعار مميزة للمنتجات المصرية، مشددًا على أهمية تكاتف القطاع الخاص مع الحكومة خلال الفترة الحالية لتجاوز تبعات الأزمة العالمية.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، عقد اجتماعًا الأحد، مع طارق عامر، محافظ البنك المركزي، لمتابعة سبل تيسير إجراءات توفير التمويل للسلع الاستراتيجية ومستلزمات الإنتاج، ووجه بضرورة عقد اجتماعات دورية مع المصنعين، للوقوف على احتياجاتهم من العملة الصعبة اللازمة لتوفير مدخلات الإنتاج، تنفيذا لتكليفات السيسي بدعم الصناعة المصرية، بحسب بيان رسمي.